دروس الصيام (النية وما يتعلق بها في صيام الفرض والنفي)

من طرف **سامي فؤاد** الثلاثاء مايو 01, 2018 11:52 pm

اشتراط النية لكل يوم من رمضان، والفرق بين نية صيام الفرض والنافلة

اختلف أهل العلم في ذلك على قولين:

القول الأول: وهو مذهب المالكية، أَنَّ ما يشترط فيه التتابع تكفي النية في أوله، فإذا انقطع التتابع لعذر يبيحه، ثم عاد إلى الصوم فإنَّ عليه أن يجدد النية.

القول الثاني: وهو قول الجمهور الحنفية، والشافعية،

والحنابلة، وداود الظاهري وابن المنذر، وابن حزم.

أنه يشترط تجديد النية لكل يوم من رمضان قبل الفجر.

ودليلهم: قول النبي صلى الله عليه وسلم [مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ، فَلَا صِيَامَ لَهُ] (النسائي 2331).

قال النووي في كتابه المجموع شرح المهذب في كتاب الصيام باب النية في الصوم [ولا يصح صوم رمضان ولا غيره من الصيام إلا بالنية، لقوله صلى الله عليه وسلم [إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى] ولأنه عبادة محضة فلم يصح من غير نية كالصلاة، وتجب النية لكل يوم، لأن صوم كل يوم عبادة منفردة يدخل وقتها بطلوع، الفجر ويخرج وقتها بغروب الشمس لا يفسد بفساد ما قبله، ولا بفساد ما بعده، فلم تكفه نية واحدة كالصلوات]

الراجح: هو قول الجمهور بأن الصائم لابد من تبييت النية لكل يوم قبل الفجر عملا بالأدلة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

كيف تكون النية؟ النية محلها القلب، ولا يشرع التلفظ بها لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من صحابته الكرام، وقد قال صلى الله عليه وسلم [مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ] (مسلم 1718).

ولذلك قال شيخ الإسلام رحمه الله: ومن خطر بقلبه أنه صائم غداً فقد نوى. (الاختيارات ص 191).

وسئلت اللجنة الدائمة: كيف ينوي الإنسان صيام رمضان؟

فأجابت: تكون النية بالعزم على الصيام، ولا بد من تبييت نية صيام رمضان ليلاً كل ليلة.

ومن صور النية: من قال اللهم أعنا على الصيام غداً، أو من قال لزوجته أحضري السحور، أو قال أيقظوني قبل الفجر أتسحر ثم نام ولم يستيقظ إلا بعد الفجر، أو اشترى طعاما ليتسحر به.

فكل ذلك يجزئ أن يكون في حكم النية للصيام.

الفرق بين نية صيام الفرض وصيام النفل(التطوع)

كما سبق وقد بينا أن صيام الفرض لابد فيه من تبييت النية من الليل وقبل الفجر.

أما صيام التطوع (السُنّة) فيجوز فيه النية من أثناء النهار، بشرط ألا يكون تناول مفطراً بعد الفجر.

فمثلاً: لو أن الإنسان أكل بعد طلوع الفجر، وفي أثناء اليوم نوى الصوم نقول هنا صومك غير صحيح؛ لأنه تناول مفطراً وهو الطعام، لكن لو لم يأكل منذ طلع الفجر ولم يفعل ما يفطر كالجماع وغيره، ثم نوى في أثناء النهار الصوم فنقول: هذا جائز؛ لأنه وردت به الأدلة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ [دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ فَقُلْنَا: لَا، قَالَ: فَإِنِّي إِذَنْ صَائِمٌ، ثُمَّ أَتَانَا يَوْمًا آخَرَ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ فَقَالَ: أَرِينِيهِ، فَلَقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِمًا، فَأَكَلَ] (مسلم 1154).

وكذا فعله أصحابه رضوان الله عليهم، قال البخاري في صحيحه: باب إذا نوى بالنهار صوما: وَقَالَتْ أُمَّ الدَّرْدَاءِ: كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُولُ: عِنْدَكُمْ طَعَامٌ؟ فَإِنْ قُلْنَا: لاَ، قَالَ: فَإِنِّي صَائِمٌ يَوْمِي هَذَا. وَفَعَلَهُ أَبُو طَلْحَةَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَحُذَيْفَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.

الأجر في نية النهار: قال الشيخ ابن عثيمين في لقاءات الباب المفتوح: ولكن الأجر لا يكون إلا من وقت النية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات) فما قبل النية فلا يكتب له أجره، وما بعده يكتب له أجره، وإذا كان الأجر مرتباً على صوم اليوم فإن هذا لم يصم اليوم كاملاً، بل بعض اليوم بالنية.

مسألة قطع النية

ما حكم من قطع نية الصوم؟ أو تردد فيها؟ وهل هناك فرق بين صيام الفرض والنفل (السنة) في ذلك؟

الجواب: من قطع النية بأن نوى الفطر جازماً غير متردد، ثم لم يجد ما يفطر به فعدل عن نيته، فقد أفطر، ولزمه قضاء هذا اليوم. لأن النية واستمرارَها لأخر العبادة، شرط لصحتها، ويدل على ذلك قول النبي صلى

الله عليه وسلم [إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ] (البخاري 1).

أما من تردد يفطر أو لا يفطر، أو علق الفطر على وجود ما يفطر به، ففي ذلك خلاف بين أهل العلم والراجح أن صومه لا يبطل لأن تردده لم يقطع النية.

ولا فرق في الحكم بذلك بين صيام الفرض والتطوع.