إن الحمد لله  نحمده ونستعينه  ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد إن لا أله إلا الله وحدة لا شريك له واشهد إن محمد عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا
 أيها الناس اتقوا ا الله تعالى حق  التقوى بفعل ما أمركم به وترك ما نهى عنه فإنكم لن تفلحوا إلى بذلك  وعلموا أن اصدق الحديث كلام الله وأن خير الهدي وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وأن شر الأمور محدثاتها وأن كل محدثة بدعة وأن كل بدعة  ضلالة أما بعد
أيها المسلمون  أيها الأخوة في الله  لما عزم أبو بكر الصديق رضي الله عنة على  قتال مانع الزكاة قال له عمر الفاروق كيف تقاتلهم وقد قالوا لا إله إلا الله  ولم يشركوا بالله شيئا وقد عصموا أموالهم و دمائهم فقال الصديق والصديق منزلته فوق المحدث وفوق الملهم  وفوق الفاروق انه صديق ليس فوقه إلا النبي قال رضي الله عنة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال" إلا بحقها " وإن الزكاة من حقها صدق والله أبو بكر إن لا إله إلا الله لها حق أليس لها حق بلا ورب الكعبة  لها حق بل لها حقوق فمن لم يأتي بحقوقها لم تنفعه شيئا  إن لا إله إلا الله مفتاح الجنة والمفتاح لابد له من أسنان  فإن لم يكن له أسنان لم يفتح الجنة والأسنان العمل الشرائع كما قال السلف لا إله إلا الله هي المنجية بشروط أن يقولها عالما بمعناها عاملا  بمقتضاها  نافيا جميع ما يعبد من دون الله مثبتا جميع العبادة لله وحدة لا شريك له ولم يأتي بشيء ينقضها  ويكفر بالطاغوت ولا تنفعه أيضا حتى يقوم بحقها وإن من حقها فرائض الله وأوامر الله التي أمر بها هذا هو الفهم هذا هو الدين   ولذلك ما ذكر الله كلمة الإيمان في القرآن إلا أكد على العمل الصالح لولا العمل الصالح وانه من الإيمان لأصبح الإيمان ترفا فكريا ودعوى لسانية ودعاوى ليس عليها  بينات ولتساوى افجر الناس مع اتقاهم إذا كانت الكلمة فقط لا والله إن الإيمان ليس بالتحلي ولا بالتمني  كما قال الحسن البصري ولكنة ما وقر في القلب ونطق به اللسان  وصدقه العمل وإلا فلا إيمان إن الإيمان وكلمة الأيمان هذه الكلمة الطيبة لا اله إلا الله  ضرب الله لها  مثلا في القرآن كشجرة طيبة  كالنخلة والنخلة لها جذور ولها عمود ولها رأس ولها قلب ولها أغصان ولها ثمار هذه الشجرة الطيبة كالكلمة الطيبة  وليست النخلة جذورا تحت الأرض كما قالت المرجئة إنما هو في القلب وليست شيئا تحت الأرض يدل علية شيئا بسيط وهو القول ولكنها اعتقاد وقول وعمل كما قال الصحابة والتابعون بإحسان والتابعون لهم بإحسان إلا يومنا هذا وقد ضل في هذه المسألة طوائف كثيرة فأهل السنة أهل الحديث أهل التوحيد أهل الإسلام يقولون لا بد للإيمان من قول وأقل شيء لا يدخل العبد به في الإيمان والإسلام حتى يتلفظ به مع القدرة النطق بالشهادتين  فمن لم لا ينطق بهما فما آمن ولا أسلم  إلا من عذر وأيضا قول القلب وعمله التصديق وأن يكون في قلبه حب لله و خوف ورجاء وان كان الناس يتفاضلون  لكن أصل ذلك في قلبه فمن أتى بالقول وعمل الجوارح ولكنه قد كره ما انزل  الله  فألئك أحبط الله أعمالهم  إذا كان لا يخاف من الله  ولا يرجوه ولا يحبه كاره له ولأمره فهذا هو المنافق ليس بمسلم  هذا اقل  شيء من تصديق القلب وعمله واقل شيء من عمل الجوارح الصلاة فمن لم يأتي بالصلاة فليس بمؤمن وليس بمسلم فمن أتى بالتوحيد والصلاة وأصول أعمال القلب وإقراره  دخل في الإيمان والإسلام ثم لا يزال يزداد إيمانه بالعمل الصالح الحسن المتقن ومثلوا لذلك أمثلة قال علي رضي الله عنة مثل ذلك في القلب كاللمضة بقعة الضوء ثم لا يزال العبد مواظبا على طاعة الله والنور يزداد في قلبه حتى يمتلئ قلبه نورا ويقينا وإيمانا والمنافق يكون النفاق في قلبه كاللمضة  ثم لا يزال يزداد حتى يمتلئ سوادا وشكا وريبا ومثلوا لذلك بمثال القرآن بالشجرة أول ما تكون ضعيفة ثم لا تزال تقوى تضرب عروقها في الأرض وفروعها في السماء {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء}[إبراهيم:24] {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُون}[إبراهيم:25] وإنما يزداد الإيمان بالعمل الصلح وينقص بالمعصية ضل في هذا طوائف من الناس من أهل البدع والأهواء وهم أهل الإرجاء وهم والله شر على هذه الأمة من الخوارج وأمثالهم كما قال السلف إبراهيم النخعي وغيره لأن الإرجاء كما قال رقبة بن مسقلة  دين الملوك والمترفين وأهل الدنيا الناس يتمنون دينا لا عمل فيه ويكونون مؤمنين مسلمين والذنب لا يضرهم أيضا وإنما هو دعوى باللسان ويكفي  هذا أحب شيء لأهواء النفوس وشهواتها ولذلك هذا المذهب هو اضر شيء على الإسلام وأهله لأنه يهدمه من الأساس الإسلام دين متين قول وعمل واعتقاد مصا بره  وجهاد وهجرة ودعوة إلى الله ورسوله ليس الإيمان قول ودعاوى فقط فمن هؤلاء من قال يكفي في الإيمان القول فمن تلفظ بلسانه فهو المؤمن ولو لم يعمل خيرا قط وهؤلاء من أهل البدع ومن هؤلاء من قال يكفي تحريك اللسان بالشهادتين واللسان جارحة فيكفي من عمل الجوارح تحريك اللسان بالشهادتين قال الإمام احمد أبو عبد الله  هذا أخبث قول سمعته لأن هذه حيلة على إسقاط أوامر الله وعلى إذهاب الدين ومذاهب أهل الدين ومن المتأخرين من قال يكفي جنس العمل إماطة الأذى عن الطريق ويكفي هذا ويكون مؤمنا وهذا من جنس ما قال عنه الإمام أحمد  هذا احتيال على مذاهب أهل السنة وإن قاله من قاله من المتأخرين فإما أن يكون متأولا أو هي زلة أو لم يفهم كلامه وأما الصحابة ومن بعدهم فيقولون لا يقبل من العمل إلا الصلاة ثم ما فوقها وملم يأتي بالصلاة فقد تولى عن العمل ولا يقولون بجنس العمل هذا ولا يعرفونه فتشوا في كتبهم ابحثوا عن هذه الكلمة السلف والصحابة والتابعين هل تجدون لها أثرا ولهذا من اخذ هذه الأمور الكبار عن غير القرون الفاضلة فقد نفل صورة مشوشة عن أناس الصورة عندهم مشوشة خذ من الأوائل تضلع من علومهم ثم اعرض كلام المتأخرين على كلامهم فما وافقه فقبله وما خالفه فارتح منه وأما أن تؤصل وتقعد على كلام المتأخرين وتترك السلف الأوائل القرون الفاضلة فليس هذا والله من العلم في قليل ولا كثير وممن ضل في هذه المسألة من قال من تلفظ بكلمة التوحيد تكفيه وقد عصم ماله وأهله ودمه وهذا رد عليه الصديق رضي الله عنه كلمة التوحيد لها حق أين حقها كلمة التوحيد لها معنى أين معناها كلمة التوحيد لا تنقض فإذا فعل نواقضها فهو كمن توضأ ثم احدث لا يقال له متوضئ وممن ضل في هذه المسألة من عكسها فقال لا يخرج احد من الإيمان إلا باعتقاد ولو فعل الكفر كله وقال الكفر كله حتى يعتقد وهذا لا يعرفه أهل السنة بل يقولون القول يخرج من الملة ولو لم يعتقد ولم يعمل والعمل يخرج من الملة ولو لم يعتقد ولم يقل والاعتقاد يخرج من الملة ولو لم يقل ولم يعمل فمن علم السحر وتعلمه فإنه كافر ولو اعتقد تحريمه ومن ترك الصلاة فإنه كافر ولو اعتقد وجوبها في الفعل والترك ومن سب الله ورسوله فإننا لا نسأل عن اعتقاده ولو كان مستهزئً {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُون}[التوبة:65] {لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِين}[التوبة:66] كما أن الإيمان قول واعتقاد وعمل فال:فر يكون بالقول وبالعمل  وبالاعتقاد هذا دين متين أيها الإخوة فيا عباد الله تضلعوا من أمور دينكم  وتيقنوا بها واحذروا الخوض مع الخائضين والتشكيك فيها هذا أساس الدين الإيمان بالله عز وجل {الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ} وما ذكر  الله ذلك في كتابة كما تقرؤون القرآن إلا أشار إلا العمل والعمل من الإيمان ولكن الله يعلم انه سيأتي أناس يقولون إيمان ولا عمل قال حذيفة هؤلاء شر الناس عند الله حق على الله أن يحشرهم مع المسيح الدجال الذين يقولون إيمان ولا عمل إنما الإيمان يتفاضل الناس فيه بالعمل  إنما يزيد وينقص بالعمل إنما يثمر الثمرات من التوكل والخشية والحب والخوف والرجاء والإيمان والتصديق والحياء والصدق والصبر إنما يزيد ذلك وينقص بالعمل الصالح الحسن ليبلوكم أيكم أحسن عملا فمن قال أريد أن يكون حبي لله أكثر قلنا له ألزم العمل الصالح فإنك إذا لزمته زاد إيمانك وإذا زاد إيمانك زاد حبك لله قطعا وبغضك لأعداء الله قطعا قال الله {لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ }[المجادلة:22]وقال الله {وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ}[البقرة:165] ومن سألنا وقال أريد أن يزيد توكلي على الله وتفويضي الأمور إليه قلنا له ألزم العمل الصالح فإنك إن لزمته زاد إيمانك وإذا زاد إيمانك تبعا زاد توكلك على الله {وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين}[المائدة:23] ومن قال أريد أن يزيد خوفي من الله وحيائي منه وهيبتي له وإجلالي له وتعظيمي له قلنا له ألزم العمل الصالح وأحسنه بالإخلاص والمتابعة فإن هذا يرغبك في الآخرة ويزهدك في الدنيا ويزيد إيمانك يا عباد الله هذا هو الطريق كما أن النخلة تسقى بالماء الطيب المبارك فتنتج أفضل الثمار وأحسنها فكذلك شجرة الإيمان تسقى بالعمل الصالح فتثمر أحسن الثمار وأفضلها من الخوف والرجاء والتوكل واليقين والإخلاص والصدق ولذلك قال عليه الصلاة والسلام (خيركم من طال عمره وحسن عمله ) ولم يقل وكثر عمله وحسن عمله إن هذا العبد طال عمره وحسن عمله فهو لا يزال يسقي شجرة الإيمان في قلبه بالعمل الحسن يسقيها ثم يسقيها ثم يسقيها فما ظنكم بهذه الشجرة في قلبه أصلها ثابت وفرعها في السماء يقين وإخلاص وصدق هذا خيركم (خيركم من طال عمره وحسن عمله ) واظب على العمل الصالح .
يا عباد الله من خرج العمل من الإيمان اذهب الدين كله جعل الدين رقيقا شفافا لا يسمن ولا يغني ولا يستر إن الدين متين إن الدين اعتقاد لا شك فيه وقول لا تردد فيه وعمل لا ارتياب في ذلك يصدق بعضه بعضا ولا يعفا من العمل إلا من لم يتمكن منه  فإن الله قد عفا عمن لم يتمكن مثال ذلك أبو طالب قال له النبي عليه الصلاة والسلام (يا عمي قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله )كانت أبو طالب تنفعه الكلمة لأنه في وقتها لم يفرض عليه صلاة ولا غيرها من الشرائع مات قبل الإسراء وقبل فرض الصلاة ثم هو في فراش الموت فالكلمة تنفعه ومثال ذلك من اسلم في ارض المعركة ثم قتل تنفعه الكلمة لأنه لم يتمكن من العمل ومثال ذلك ما في حديث حذيفة رضي الله عنه قوم في آخر الزمان يظهرون في الدنيا وقد درس الإسلام  نعوذ بالله درس كما يدرس  وش الثوب فلم يعرفوا منه صلاة ولا صياما  ولاشيء ذهب كله اختفت آثاره إلا أنهم أدركوا إبائهم على التوحيد الخالص يقولون لا اله إلى الله فهم متمسكون بالتوحيد ولا يعرفون غيرة قال حذيفة تنفعهم هذه الكلمة لم يتمكنوا من العمل وأما من تمكن من العمل ولم يعمل فأنا هو والإيمان
فيا عباد الله هذه عقيدة ومعنى العقيدة ما تعقد قلبك عليه وتربط قلبك عليه وما أثمر العمل إذا عرفت أنه لا طريق إلا زيادة الإيمان إلا بالعمل  الصالح الحسن وأن هذا يزيد إيمانك إذا عرفت ثمرات الإيمان الحسان التي تقربك إلى الله اجتهدت في العمل ولذلك قال عليه الصلاة والسلام (ألا أدلكم على ما يمحوا الله به الخطايا ويرفع به الدرجات إسباغ الوضوء على المكارة ونقل الخطى إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط ) وقال عليه الصلاة والسلام (اطعموا الطعام وصلوا الأرحام وأفشوا السلام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام )
أن الجنة حفت بمكارة النفوس وهؤلاء أهل البدع والإرجاء يقولون الجنة يكفي فيها الكلمة بل بعضهم تجرأ  وقال إيماني كإيمان جبريل و ميكائيل نعوذ بالله من الخذلان وهذا مبتدع كذاب  أين إيمانه وإيمان جبريل وميكائيل  ومحمد و إبراهيم عليهم السلام أن الجنة حفت بمكارة النفوس بمفارقة ما تهواه النفس
اللهم بصرنا في دينك اللهم اعقد قلوبنا على ما تحب وترضى من أحسن المذاهب والاعتقادات التي كان عليها محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعون لهم بإحسان إلى يوم الدين يا ذا الجلال و الإكرام اللهم إنا نعوذ بك أن نخوض مع الخائضين أو نرتاب مع المرتابين أو نماري مع الممارين أو نجادل مع المجادلين اللهم اجعلنا ممن تبين له الطريق فلزمه وصبر على طاعتك وصابر ورابط يا رب العالمين اللهم نور بصائرنا اللهم أحسن نياتنا فإن التوفيق يكون على حسب النية الصالحة ومن بحث عن مراد الله وفقه الله إليه ومن اعتقد أولا ثم بحث عن الأدلة وكله الله إلا نفسه لأنه لم يبحث عن مراد الله  وإنما بحث عن مراد نفسه وما اعتقدته ، اللهم إنا نعوذ بك من الخذلان يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت برحمتك نستغيث أصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا إلا أنفسنا طرفة عين والحمد لله رب العالمين    .