المواضيع الأخيرة
المواضيع الأكثر شعبية
الدرس الأول من تفسير سورة المجادلة
صفحة 1 من اصل 1
الدرس الأول من تفسير سورة المجادلة
بداية أشير إلى أن دروس التفسير تكون بداية من الجزء الثامن والعشرين إلى نهاية المصحف وذلك بعون الله تعالى.
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد:
قال الله تعالى [قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ] (المجادلة 1).
التفسير:
هكذا تبدأ السورة الكريمة، بهذه اللفتة الكريمة، من رب كريم، إلى امرأة من عامة النساء، لا يكاد يلتفت إليها أحد من قومها، بل لا يكاد يكون لها مكان ظاهر بين جيرانها الفقراء المغمورين من نساء ورجال.
فلقد سمع الله سبحانه قول هذه المرأة، التي جاءت تعرض على النبي شأنا من شئونها مع زوجها، وتشتكي إلى الله بين يدي النبي الكريم ما ورد عليها من زوجها من أذى. والنبي صلى الله عليه وسلم لا يجد سبيلا لإزالة ما تشكو منه.
والإخبار بسماع الله لشكوى هذه المرأة والله أعلم هو التنويه بشأن هذه المرأة، وردّ اعتبارها إليها عند نفسها كإنسان كرّمه الله، وبعث إليه رسله بآياته وكلماته، وذلك بعد أن وجدت وجودها يكاد يضيع بيد زوجها الذي استخفّ بها، وعرّضها لهذا الضياع، ثم لم تجد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الحماية الكافية لردّ هذه اليد الباغية عليها، إذ لم يكن بين يدى الرسول الكريم حكم من الله، في شأن الظّهار.
يقول المفسرون: نزلت هذه الآيات في امرأة من الأنصار، من الخزرج، واسمها خولة بنت مالك بن ثعلبة، وزوجها أوس بن الصامت، أخو عبادة ابن الصامت الصحابي المعروف.. قالوا وكان منه غضبة على امرأته هذه، فقال لها مغاضبا: أنت علىّ كظهر أمي.. وكان الظهار من طلاق أهل الجاهلية، وقد ندم زوجها على ما قال، وقال لها ما أظنك إلّا حرمت علىّ، فقالت لا تقل ذلك وائت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال إني أجدنى أستحى منه أن أسأله عن هذا، قالت: فدعني أسأله. فأتت النبي صلى الله عليه وسلم، وقالت:
يا رسول الله، إن أوس بن الصامت تزوجني وأنا شابة ذات مال وأهل، حتى إذا أكل مالي وأفنى شبابي وتفرق أهلي، وكبرت سني ظاهر منّى، وقد ندم، فهل من شيء يجمعني وإياه، فتنعشني به؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ما أراك إلّا حرمت عليه! قالت يا رسول الله، والذي أنزل عليك الكتاب ما ذكر طلاقا، وإنّه أبو ولدي وأحب الناس إلىّ، وإني إذا فارقته وضم الأولاد إليه ضاعوا، وإن وأنا ضممتهم جاعوا!! فقال: ما أراك إلا حرمت عليه، ولم أومر في شأنك بشيء، فجعلت تراجع رسول الله، وكلما قال لها رسول الله حرمت عليه، هتفت وقالت: أشكو إلى الله فاقتي، وحاجتي، وسوء حالي. فما برحت مكانها، حتى أخذ رسول الله ما يأخذه من الوحي، فلما قضى الوحي قال: ادعى زوجك، فدعته، فتلا عليه الرسول الكريم الآيات الأولى من أول السورة. وقال له: أعتق رقبة، فقال لا أجد، فقال: فصم شهرين متتابعين، فقال: لا أستطيع، إني إذا جعت كلّ بصري، وخشيت أن تغشى عيناي، فقال: فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكينا؟ فقال لا والله، إلّا أن تعينني على ذلك، فأعانه الرسول صلوات الله وسلامه عليه بخمسة عشر صاعا.
كان الظهار أمرا معترفا به في الجاهلية، ولم يكن الإسلام قد عرض له بشيء حين قرر أحكام الطلاق، حتى وقعت هذه الحادثة.
وقوله تعالى: «تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها» أي تحاورك، وتحاجك فيما وقع بينها وبين زوجها. وفى هذه المجادلة ما يكشف عن أن المرأة تنكر هذا الظهار في شريعة هذا الدين الذي آمنت به، وأنها لو كانت على جاهليتها لما أنكرته، ولا استسلمت لهذا الأمر الواقع.
وفى قوله تعالى: «تُجادِلُكَ» إشارة أخرى إلى احترام الشريعة الإسلامية للإنسان، وإعطائه حقه كاملا في استعمال عقله، ومراجعة غيره، فيما يعرض له من قضايا الحياة.
وفى إضافة المرأة إلى زوجها في قوله تعالى: «تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها» إشارة إلى أن المرأة لا زالت زوجا لزوجها، لم تحرم عليه حرمة مؤبدة، بل ما زال
هناك سبيل إلى وصل هذه العلاقة التي توشك أن تنقطع.
وفى قوله تعالى: «وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما» في هذا ما يرفع من خسيسة المرأة، بل ومن خسيسة الإنسانية كلها، دون أن ينزل ذلك من قدر النبي، ومن مكانه المكين عند ربه. وهذا من فضل الله على الناس، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
وسمع الله سبحانه وتعالى لهذا الحوار، ليس سمعا مطلقا، إذ أن الله سبحانه يسمع كل شيء، في السماء والأرض. ولكن السماع هنا سماع استجابة، وفصل في هذا الحوار.
وقوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ» إشارة إلى أن سمع الله يحتوي كل شيء يقع في هذا الوجود.
إلى اللقاء في الدرس القادم إن شاء الله
مواضيع مماثلة
» الدرس الثالث من تفسير سورة المجادلة
» الدرس الثاني من تفسير سورة المجادلة
» تفسير السعدي الدرس الأول (سورة الفاتحة 1-4)
» تفسير السعدي الدرس الثالث(سورة البقرة 1-3)
» تفسير السعدي الدرس الثاني (تابع سورة الفاتحة 1-4)
» الدرس الثاني من تفسير سورة المجادلة
» تفسير السعدي الدرس الأول (سورة الفاتحة 1-4)
» تفسير السعدي الدرس الثالث(سورة البقرة 1-3)
» تفسير السعدي الدرس الثاني (تابع سورة الفاتحة 1-4)
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء يونيو 11, 2019 5:54 pm من طرف سامي فؤاد
» وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا
الجمعة أبريل 26, 2019 6:24 am من طرف سامي فؤاد
» أحكام الحيض والنفاس والاستحاضة
السبت أبريل 06, 2019 1:24 am من طرف سامي فؤاد
» المغالاة في المهور
الأربعاء أكتوبر 10, 2018 5:38 am من طرف سامي فؤاد
» شرح حديث ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة
السبت سبتمبر 08, 2018 6:00 am من طرف سامي فؤاد
» أحكام الهدية وهدايا الخاطب والنقوط
السبت سبتمبر 08, 2018 5:58 am من طرف سامي فؤاد
» رسالة إلى الشباب
السبت سبتمبر 08, 2018 5:56 am من طرف سامي فؤاد
» رسالة إلى الخاطب
السبت سبتمبر 08, 2018 5:55 am من طرف سامي فؤاد
» الأضحية أحكام وشروط
السبت أغسطس 11, 2018 6:12 am من طرف سامي فؤاد