المواضيع الأخيرة
المواضيع الأكثر شعبية
الدرس الثالث من تفسير سورة المجادلة
صفحة 1 من اصل 1
الدرس الثالث من تفسير سورة المجادلة
قال تعالى [وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ].
** تكلمنا في الدرس السابق عن حرمة الظهار وأنه منكر من القول وزور لا يحبه الله ولا رسوله، وبينا معنى العود في الآية بأنه إرادة الجماع، وتكلمنا عن بعض الأحكام المتعلقة بالمُظَاهِر والمُظَاهَر منها.
واليوم بعون الله نبين كفارة الظهار:
نصت هذه الأيات على كفارة الظهار إذا ظاهر الرجل من امرأته وهي على ثلاثة درجات بالترتيب وليست بالتخيير، ويجب التكفير بأحدها باتفاق الفقهاء، على الترتيب الآتي، لا ينتقل إلى كفارة إلا إذا عجز عن التكفير بالتي قبلها:
1 - (تحرير رقبة) إعتاق عبد أو أَمَة قبل أن يمسها فإذا لم يجد:
2 - يصوم شهرين متتابعين قبل أن يمسها، فإن لم يستطع:
3 - يطعم ستين مسكينًا.
وقوله تعالى: [مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا] هو قيد متمم للخبر، أي أن تحرير الرقبة، أو صيام شهرين متتابعين يجب أن يسبق مسّ الزوج زوجته، إذ أنها قبل ذلك تكون محرمة عليه، ولن يعيدها إلى الحل إلا تحرير الرقبة، أو الصوم إن كان المظاهر قادرا على ذلك.
** والمقصود بالمس: الجماع، قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: والمس: النكاح. وكذا قال عطاء، والزهري، وقتادة، ومقاتل بن حيان، وقال الزهري: ليس له أن يقبلها ولا يمسها حتى يكف. (تفسير ابن كثير).
**انتهاء الظهار: ينتهي الظهار وينحل بعد أن ينعقد ويستوجب حكمه، بواحد مما يأتي:
[1] تأدية الكفارة الواجبة: لدلالة الآية الكريمة، ولما وقع في حديث ابن عباس من قول النبي صلى الله عليه وسلم للمظاهر [لا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله عز وجل] فقد نهاه عن العود إلى وطئها، وجعل لهذا النهي غاية هي التكفير، فدلَّ على أن الظهار ينتهي حكمه بفعل الكفارة.
[2] مضى المدة إذا كان الظهار مؤقتًا: فإذا ظاهرها على مدة معينة، فبرَّ بيمينه حتى انقضت المدة دون أن يمسَّها، فلا شيء عليه، وتعود حلالًا له.
[3] موت الزوجين أو أحدهما: فلو ظاهر من زوجته ثم مات أو ماتت زوجته قبل العود انتهى الظهار، وانتهى حكمه باتفاق الفقهاء، لأن موجب الظهار الحرمة، وهي متعلقة بالزوجين، فيحرم على الرجل الاستمتاع ويحرم على المرأة تمكينه من نفسها حتى يكفِّر، ولا يُتصور بقاء الحكم بدون من تعلَّق به.
** فائدة: أما إذا ظاهر منها ثم عاد (أراد الوطء) أو وطئها قبل أن يكفِّر ومات: فعند الحنفية والمالكية تسقط الكفارة عنه إلا إذا أوصى بها فتخرج من ثلث التركة.
وقال الشافعية والحنابلة: لا تسقط كفارة الظهار التي لزمته بالموت، بل يؤديها الوارث عن الميت من التركة، وهذا هو الأرجح، لأن الكفارة لزمته قبل الموت، فاستقر في ذمته، وقد قال صلى الله عليه وسلم [فدين الله أحق أن يُقضى] (البخاري 6699) والله أعلم.
وقوله تعالى [ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ] أي هذا الحكم الذي أخذتم به في كفارة الظهار، إنما ليكون لكم منه عظة وعبرة، فلا تعودوا إليه مرة أخرى، كما أن فيه زاجرا لغير المظاهرين، فلا يقع منهم ظهار، وقد عرفوا ما وراءه من بلاء.
وفى قوله تعالى [وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ] تنبيه إلى أن الله سبحانه وتعالى مطلع على ما يكون من المظاهرين الذين يخونون أنفسهم، فيعودون إلى نسائهم من غير كفارة، وأنهم مؤاخذون بالتعدي على حدود الله.
وقوله تعالى [فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً]. أي فمن لم يجد في يده رقبة يعتقها، فعليه صيام شهرين متتابعين، أي ستين يوما متصلة، لا يقطعها بفطر يوم أو أكثر، فإن قطعها، بدأ صيام الشهرين من جديد.
فمن لم يستطع صوم شهرين متتابعين، كان عليه إطعام ستين مسكينا.
وجاء النظم القرآني في مواجهة تحرير الرقبة بقوله تعالى [فَمَنْ لَمْ يَجِدْ] على حين جاء في صيام الشهرين المتتابعين بقوله تعالى: [فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ]. لأن تحرير الرقبة لا يكون إلا عن وجد ومقدرة، وملك للرقبة. أما الصيام فلا يكون إلا عن استطاعة وقدرة على احتماله.
وقوله تعالى: [ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ]. أي هذه الأحكام التي حكم عليكم بها، إنما هي لتصحح إيمانكم بالله ورسوله، ولتقيمكم على دينه القويم.
وقوله تعالى [وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ].
أي هذه حدود الله، فالزموها، وخذوا أنفسكم بها، فإنّ تعدّى هذه الحدود، والاستخفاف بها، هو مدخل إلى الكفر بالله، وللكافرين عذاب أليم.
مواضيع مماثلة
» الدرس الثاني من تفسير سورة المجادلة
» الدرس الأول من تفسير سورة المجادلة
» تفسير السعدي الدرس الثالث(سورة البقرة 1-3)
» تفسير السعدي الدرس الأول (سورة الفاتحة 1-4)
» تفسير السعدي الدرس الثاني (تابع سورة الفاتحة 1-4)
» الدرس الأول من تفسير سورة المجادلة
» تفسير السعدي الدرس الثالث(سورة البقرة 1-3)
» تفسير السعدي الدرس الأول (سورة الفاتحة 1-4)
» تفسير السعدي الدرس الثاني (تابع سورة الفاتحة 1-4)
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء يونيو 11, 2019 5:54 pm من طرف سامي فؤاد
» وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا
الجمعة أبريل 26, 2019 6:24 am من طرف سامي فؤاد
» أحكام الحيض والنفاس والاستحاضة
السبت أبريل 06, 2019 1:24 am من طرف سامي فؤاد
» المغالاة في المهور
الأربعاء أكتوبر 10, 2018 5:38 am من طرف سامي فؤاد
» شرح حديث ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة
السبت سبتمبر 08, 2018 6:00 am من طرف سامي فؤاد
» أحكام الهدية وهدايا الخاطب والنقوط
السبت سبتمبر 08, 2018 5:58 am من طرف سامي فؤاد
» رسالة إلى الشباب
السبت سبتمبر 08, 2018 5:56 am من طرف سامي فؤاد
» رسالة إلى الخاطب
السبت سبتمبر 08, 2018 5:55 am من طرف سامي فؤاد
» الأضحية أحكام وشروط
السبت أغسطس 11, 2018 6:12 am من طرف سامي فؤاد