سنن الفطرة التي يجهل أحكامها الكثير من المسلمين 7 اللحية

من طرف **سامي فؤاد** السبت أكتوبر 17, 2015 10:26 pm

سنـــــــن الفطــــــــرة

سادساً:اللحية: وهي الشعر النابت على الخدين من عذار وعارض والذقن.

فحد اللحية من العظمين الناتئين بحذاء صماخي الأذنين إلى آخر الوجه، ومنها الشعر النابت على الخدين.

ولا يجوز لأحدٍ أن يحلق منها شيئا لأن ذلك خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد ورد في اللحية عدة أحاديث كلها بصيغة الأمر والأمر يفيد الوجوب ولا صارف لها من الوجوب إلى الاستحباب.

فعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «خالفوا المشركين، وَفِّروا اللحى وأَحفُوا الشَّوارب» رواه البخاري. ورواه مسلم بلفظ «خالفوا المشركين، أَحفوا الشوارب وأَوفُوا اللحى». وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «أَعْفُوا اللِّحَى وَخُذُوا الشَّوَارِبَ وَغَيِّرُوا شَيْبَكُمْ وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى» رواه أحمد وسنده حسن. وللبزار «لا تشبهوا بالأعاجم، أعفوا اللحى» وعنه أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس}

قال ابن حجرٍ المراد بقوله صلى الله عليه وسلم «خالفوا المشركين» مخالفة المجوس فإنّهم كانوا يقصون لحاهم، ومنهم من كان يحلقها, وقال: ذهب الأكثرون إلى أن"أعفوا" بمعنى كثّروا أو وفّروا, ونُقِلَ عن ابن دقيق العيد تفسير الإعفاء بالتّكثير من إقامة السّبب مقام المسبّب لأنّ حقيقة الإعفاء التّرك وترك التّعرض للّحية يستلزم تكثيرها.

وقال ابن عابدين من الحنفيّة: إعفاء اللّحية تركها حتّى تكثّ وتكثر.

وقال ابن حجرٍ: ويمكن أن يؤخذ ذلك من بقيّة طرق الحديث الدّالّة على مجرّد التّرك. (الموسوعة الفقهية الكويتية).

حكم اللحية:

بإطلاق هذه الأحاديث ذهب جمهور الفقهاء الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة وهو قول عند الشّافعيّة إلى أنّه يحرم حلق اللّحية لأنّه مناقض للأمر النّبويّ بإعفائها وتوفيرها.

وفي حاشية الدسوقيّ المالكيّ: يحرم على الرّجل حلق لحيته، ويؤدّب فاعل ذلك، وقال أبو شامة من الشّافعيّة: قد حدث قوم يحلقون لحاهم، وهو أشد ممّا نقل عن المجوس أنّهم كانوا يقصونها (الموسوعة الفقهية الكويتية - موسوعة فقه العبادات).

وهذا لا خلاف فيه عند أكثر أهل العلم، وإنما الخلاف فيما زاد عن القبضة.

فحلق اللحية حرام بالإجماع، ومن الأدلة على تحريم حلق اللحية أيضا قوله

صلى الله عليه وسلم «من رغب عن سنتي فلَيْسَ مني» ومن سنته صلى الله عليه وسلم إعفاء اللحية. وروى الإمام أَحَمَد في زوائد المسند بأسانيد جيدة عن علي رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال {كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عَظِيم اللِّحية} وهَذَا يدل على أنه كَانَ يعفيها ولا يأخذ منها شَيْئًا. وروى مسلم عن جابر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال {كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير اللِّحية} وعن أنس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال {لِحْيَتُه صلى الله عليه وسلم قَدْ ملأت من ها هنا وأمَرَّ يده على عارضيه}. وعن عَائِشَة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ {كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم كث اللحية، تملأ عارضيه}. وعَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، قَالَ: قُلْنَا لِخَبَّابٍ أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالعَصْرِ؟، قَالَ: نَعَمْ، قُلْنَا: بِمَ كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ ذَاكَ؟ قَالَ: «بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ»(البخاري[size=35] [/size]746).

وسئل ابن عمر رضي الله عنهما {كيف كنتم تعرفون قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم في السرية؟ قال باضطراب لحيته}(موارد الظمآن لعَبدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ السّلمانِ).

أما ما رواه الترمذي {أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ من لحيته عرضاً وطولاً} قال الحافظ في الفتح: نقل عن البخاري أنه قال في رواية عمر بن هارون: لا أعلم له حديثا منكرا إلا هذا، وقد ضعف عمر بن هارون مطلقا

جماعة.فالحديث منكر لا يصح.

الخلاف فيما زاد عن القبضة:

أما ما فيه الخلاف وهو القص أو التقصير لما زاد عن القبضة فمبنىٌ على ما ورد عن ابن عمر رضي الله عنه في البخاري { كان ابن عمر إذا حجّ أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه } ومعلوم أن ابن عمر هو راوي لحديث الأمر بالإعفاء فقالوا الراوي أعلم بمروية وجعلوا فعل ابن عمر حجة ولا حجة فيه لأن هذا الفعل من ابن عمر اجتهاداً كما يقول بعض العلماء أنه كان يتأول قوله تعالى ( مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ (الفتح 27) فيحلق رأسه ويخفف من لحيته فيما زاد عن القبضة، والظاهر المنع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإعفائها وإرجائها، وأَخْذُ شيء منها ينافي ذلك. والعمل برواية الصحابي لا برأيه إذا خالف رأيه روايته. وابن عمر وإن كان من رواة الأحاديث في إعفاء اللحية لكن رأيه خالف روايته. فالأظهر هو القول بالمنع. والله أعلم. (شرح زاد المستقنع للشيخ حمد بن عبد الله الحمد).

مسائل في اللحية:

1- أمر الشارع بإعفائها والأصل في الأمر الوجوب ولا صارف له.

2- أن اللحية عبادة واجبة وليست سنة مستحبة والأصل في العبادات التوقيف.

3- أن إعفاء اللحية عبادة ويشترط لقبول العبادة الإخلاص وموافقة السنة.

قال تعالى {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ}(البينة-5 )

وقال صلى الله عليه وسلم {مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ} رواه مسلم.

4- أن في حلق اللحية تشبه بالكفار والمشركين وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وقال أيضاً « من تشبه بقوم فهو مِنْهُمْ » رواه أَحَمَد

5- أن في حلق اللحية تشبه بالنساء وهو حرام بل صاحبه ملعون. فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ» (البخاري 5885).

6- أن في حلق اللحية تغيير لخلق الله وطاعة للشيطان الذي أقسم لربه {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ}(النساء119).

7- أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل إعفاء اللحية من الفطرة وليست من أمور العادات التي يختلف الحكم فيها باختلاف الأزمان والعصور، ذلك لأن الفطرة من الأمور التي لا تقبل شرعا التبدل مهما تبدلت الأعراف والعادات. قال تعالي{ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }(الروم30).

8- أن شعر اللحية فيه منافع منها الزينة والوقار والهيبة ولهذا لا يرى على الصبيان والنساء من الهيبة والوقار ما يرى على ذوي اللحى ومنها التمييز بين الرجال والنساء.

9- أن المرآة إذا نبت لها شعر لحية أو شارب كالرجال وجب عليها إزالته لئلا تتشبه بالرجال.

10- أن ابن عمر أخذ ما زاد عن القبضة في الحج أو العمرة والذين أجازوا فعله أجازوه في الحج وغيره.

11- أن ابن عمر إن كان قد أول الآية بحلق الرأس وتقصير اللحية فقد خالف بذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم لأن الآية نزلت علي النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعل ذلك.

12- أن الحُسْنَ والجمال ليس في معصية الله بحلق اللحية وإنما الحسن في طاعة الله ورسوله بإعفائها.

13- أنه لا يجوز صبغ اللحية بالسواد إذا ابيضت لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.{رواه أحمد وتخريجه في شعر الرأس}

14- أن من تعريف اللحية نجد أن شعر الرقبة وما خلف الأذنين ليس من اللحية ويجوز حلقه.

15- أن اللحية ليست بكثرة الشعر وإنما تطلق اللحية ولو علي شعرة واحدة ولها حكم اللحية.

16- أن الأمرد الذي ليس له شعر في وجهه يكون حكمه علي نيته. قياساً على ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث طويل منه {...ورجل آتاه الله علماً ولم يؤته مالاً، فهو يقول: لو أن لي كفلان لعملت بعمله، فهو ونيته؛ فهما في الأجر سواء}(أحمد 4/230 ، رقم 18053).

17- أن شعر الوجه بأكمله لا يجوز إزالة شيئا منه إلا ما ورد فيه نص بالإزالة.

18- أنه إن كان الشعر الزائد علي الوجنتين بالقرب من العينين يؤذي العينين فيجوز إزالته بالحلق لا بالنتف.

19- أن إعفاء الحليق للحيته عند المصيبة معصية لله وقد يكون شركاً لأنه أطلقها لغير الله.

20- أن الذين يعللون حلق لحيتهم أنها تسبب لهم ضرراً أو مشاكل، هم أصلاً لم يطلقوا لحاهم ليتبين لهم هل فعلاً هي تسبب لهم ضرر أم لا. وإنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه.

21- أنه أفتي بعض العلماء بحلق اللحية للضرورة ولا إثم على صاحبها. لكن بشرط أن يكون صاحبها يريد فعلاً إعفائها وخالص النية، أو كان مُطْلِقُهَا قبل ذلك. والله أعلم بالسرائر فانتبه.

22- أن اعتقاد العوام بأن دخول الرجل الذي حلق لحيته أو شعره علي المرأة التي ولدت يمنع نزول اللبن للرضيع مصيبة تعم بها البلوى، واعتقاد فاسد، وشرك بالله. فالله سبحانه لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع وكل شئ عنده بمقدار. والله أعلم.

تابعونا في الحلقة القادمة أبو عبد الرحمن